إلى هنائي،،،







الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.



أما بعد،،،



إلى:

هنائي (هناء المطوع، وهناء الكندري) ولمن فارق العزيز، وفقدَ الحبيب.



نحن في هذه الدنيا في مسيرٍ له نهاية، وجسرُ عبورٍ بعده بداية، نعيش في هذه الدنيا فتصحبنا أرواح منها القريب الذي كالجسد، ومنها البعيد الذي فارقنا فأصبح عهدنا معه الدعاءُ والوفاءُ، والودُ ولُقيا الأمل!



 وكلما كانت أواصر من نفارقة جامعة لنا بالدم واللحم؛ وطول المعشرِ والسكن؛ كان البلاء أعظم، ووقعه على القلب أكبر؛ فكان هو بحاجة الى صبرٍ ورضا أَجَل، وللفؤاد أَزهر.



ففقدُ الحبيب الذي قَرَّت العين بنقاءه

وفقد الابن الذي من برِّه زانت الحياةُ بصفاءه

وفقد الابِ الذي ألبس الدار النعيم بحنانه ووفاءه

لم يكن بالأمر الهين وقوعِ جَلَلِ مصابه!



كما قال الشوكاني:

‏‌مصاب دهى قلبي فأذكى غلائلي 

‏‌وأحمى بسهم الافتجاعِ مقاتلي



‏‌وخطبٌ به أعشار الحشى صدعت

‏‌ فأمست بفرط الوجد أي ثواكل 



‏‌ورزء تقاضاني صفاء معيشتي 

‏‌وأنهلني قسرا أمر المناهل 



(المصيبةُ)

نارٌ في لحظة نوئها، ثم هي في مهبِّ الريح رماد،،،

(المصيبةُ)

همٌ اليوم والليلة، وذكرى في صدى الزمان مآل،،،



وكما الأيام لنا جامعة فهي مفرقة؛ وكما هي مفرقة فهي في المآلِ جامعة!

 فالحمدلله الذي جعلنا مؤمنين بالبعث والنشور، ولقيا الأحباب في دار الخلود، لمن عمل صالحًا وقال إنني من المؤمنين.



وقد منَّ الله بكرمه علينا منهجًا نسير عليه في الصبر والإحتساب، والرضا وحسن الظن بعطايا الوهاب، فهذه هي المطية التي لا يضل رُكَابها. 

فقد جاء عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما رواه الامام أحمد في الزهد:

"وجدنا خير عيشنا بالصبر"



وهذه المصائب كير العبد الذي يسبك فيه حاله، فإما أن يخرج ذهبًا أحمرا، وإما أن يخرج خبثًا كله.



فكما أننا نحمد الله ونشكره بالنعم؛ فالصبر خير حمدٍ لله في المصاب والنقم، بل هو أوسع العطايا إن تمسك بها العبد التقي النقي، كما قال النبي ﷺ:

"ما أعطى الله أحدًا من عطاءٍ أوسع من الصبر



وكمال الصبر هي مرتبة أولي العزائم، وهي: الصبر لله وبالله

(مخلصًا الصبر له، مستعينًا بالله عليه)



والصبر الحق هو ذاك الذي يكون عند الصدمة الأولى كما جاء ذلك بالحديث عن النبي ﷺ

حين تكون نيران الجلل المصاب بين جنبات الصدر حامية، فيطفؤ نيرانها العبد الفقير لله بالصبر والاحتساب كأنه يُسقى من ماءٍ عذبٍ فُرات يُسقى منه حتى ينعم بنعيم الرضا والرضوان.



فصبرًا، صبرا، ثم صبرًا صبرا،،،

فما لنا غير الصبر الذي هو جواد لنا لا يكبو، وصارم لا ينبو، وجند لنا لا يُهزم، وحصنٌ حصينًا لا يُهدم.



نعم ،، هو ضنٌّ مذاقه؛ لكنه عسلٌ ثِمارُه!



ولا ننسى من نعم الله علينا أن جعل لنا من الذكريات ما نحيا معها كلما اشتد ألم الفراق؛ تلك الذكريات التي كانت في طيف كان!

هي لا تزال على مرأى العين وإن اختف ظلالها عن دنيا الأنام،،،



كما قيل:

شموعٌ من الذكرياتِ اللطاف غدت 

بها يضيىءُ العمرُ أَنوارهُ 



يا هنائي (هناء الكندري-وهناء المطوع)

الكل مبتلى والكل له في الاحزان والأفراح موعدا، فقدوا أحبابهم أحياءً! وفقدتم أحبابكم أموات -نحسبهم على خير- جعلكما ربي من خير ثمارهم اليانعة؛ فما طيب الفروع إلا من طيب عذوقها، فغذاؤها من عروقها.



 فصبرًا ثم صبرا، قال النبي ﷺ:

 "ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيّه من أهل الدنيا ثم احتسبه؛ إلا الجنة"



جعلكم المولى مَثَلاً وقدوة لمصاب غيركنَّ يحتذى به

﴿وجعلنا منهم أئمةً يَهْدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتِنا يوقِنون﴾



وكتبته أختكم المحبة:
هيا بنت سلمان الصباح
٢٥ ذو القعدة، لعام ١٤٣٨هـ.
الكويت حرسها الله.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طالبة العلم بين المنهج السلفي، ومتغيرات الزمان

الحجاب في كويتنا أصلٌ أصيل

ظلمُ ذوي القربى