المشاركات

عرض المشاركات من سبتمبر, ٢٠١٩

الإعراض

صورة
الإعراض   قال ابن الملقن في التوضيح، (٥٢٤/١) عن سمات نبينا محمد ﷺ : " من حسن لطفه ﷺ أنه لم يؤاخذ أحدًا بما فعل ولكن يُعرض، وهكذا كان دأبه ﷺ " قلت: من سمات النبي ﷺ الإعراض، وقد كان  ﷺ معرضًا، ماسكًا زمام نفسه في غضبه وحزنه، وذلك في أكثر من موضع: ▪ فها هو ﷺ مع أنس بن مالك رضي الله عنه وأرضاه يقول: " خدمت النبي ﷺ عشر سنين فما قال لي أف قط وما قال لشيء صنعته لم صنعته ولا لشيء تركته لم تركته " ولا ريب أن النبي ﷺ بشر ينزعج ويغضب، لكن كان فعله أمام ذلك كله أنه (يُعرض).   ▪ وها هو ﷺ مع وحشي حين قتل عمه حمزة رضي الله عنه وأرضاه، فعل أمرًا تكاد دماء العروق تنصهر من شدة صنيعه، لكن النبي ﷺ أعرض عن جداله، واكتفى بقوله له: " فهل تستطيع أن تغيب وجهك عني ".  ▪ وها هو ﷺ مع زوجاته حين أعرض عنهن، واعتزلهن شهرا، ولم يجادلهن على ما سألنه من مطالب رضوان الله عليهن.   في الإعراض سلامة للدين والقلوب، ونفع أن لا توغر الصدور، وأن لا تُفْسَد خوالج النفوس. وهو أنجع دواء لمن أساء إساءةً مقص

كيف تظمأ الأشواق؟!

صورة
كيف تظمأ الأشواق؟! كلما سمعت صوت منبه الرسائل طارقًا لباب هاتفي، ولمحت معه رسائل الأخوات والطالبات الغاليات، وقد سطرنَّ أشواقهن لمحاضن العلم التي كانت لنا جامعة، فما إن أبصرها إلا: أحير بين عيناي دمعة شوق   أو   ألهج بالدعاء في الثبات والعود هناك مشاعر يقوى المرء على حبسها، وهناك مشاعر تنبثق ولو بُنيت لها الجدران، وصُيرت لها الجبال وإنَّ شوقي لطالباتي وأخواتي في محضن العلم الجامع لنا بلغ منتهاه فلا أوقع في النفس، ولا أجمل أثرًا في القلب بمثل من سقى من ينابيع أواصر رحم العلم وما كنتُ أكتب واقعًا مشوبًا بخيال! فكم ارتوينا من أعذب المعان، وأكرم الكلام، وغالي درر جواهر البيان،،، كنا ننسج بالعلم نسيجًا من العلوم فمنكنَّ من تصطاد فوائده ومنكنَّ من تحوز بأفهمه ولا تعلمنَّ أثر ذلك في قلبي إن شهدتُ الفهوم على محياكنْ   ولسماع (أم عبدالعزيز) وابنتي (ياسمين) شوقًا حين يقرأن علينا الأحاديث بأسانيدها الكريمتان: أخذتا بنفوس السامعين لهنّ مأخذًا، وتركتا في قلوبنا أريجًا مُزْهرا كأن حين نسمع حديث نبينا ﷺ  

أرى خللَ الرمادِ وميضَ جَمْرٍ

صورة
▪▪أرى خللَ الرمادِ وميضَ جَمْرٍ▪▪ أغلب الحروب التي مضت، والفتن التي اشتعلت كان سببها الجهال الطغام أيقظوا نارها بالسباب، والشتام، والتفاخر بالأنساب استهانوا بصغائر العبر، حتى كانت وبالاً وغبر بدَؤوها مُزاحًا، حتى كانت بعدُ نارًا كما قيل: فإنّ النارَ بالعودين تُذْكى وإنّ الحربَ مبدؤُها كلامُ  *** فإنْ لم يطفها عقلاءُ قومٍ   يكونُ وقودَها جثثٌ وهامُ  *** فقلتُ من التعجبِ ليت شعري   أأيقاظٌ أميةُ أو نيامُ رايات الهرج رفعت أجندتها، ونعرات القوم علت أصواتها، شقاقٌ وضرٌ وجيعٌ من قيلَ وقال،،،   شبوا ضرام الخلاف والفرقة، فبدت الأفواه فاغرة، فماج الأمرُ ووقعت العثرة وقد قال الله ﷻ   {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}   الفتنة المحتدمة إذا جاءت استشرفها الجهال الطغام يرونها زاهية وكأنها عروسٌ قد تزينت فإن اعتلوها أبصروها عجوزًا شمطاء غدت   الحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً   تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ  *** حَتَّى إ

الإمام الشافعي رحمه الله

صورة
  لا يطغى حب اللغة والشعر على حب الفقه الحمدلله وكفى، والصلاة والسلام على نبي الهدى، أما بعد،،، الامام الشافعي -رحمه الله- كان أديبًا وشاعرًا، سقيَّ حب الشعر والتاريخ والأنساب والأدب، وشرب أصول علم الصرف والبلاغة والنحو، أثنى ركبتيه طلبًا لعلم اللغة على يد قبيلة هذيل، وهذيل من أفصح القبائل لسانا. فقول الشافعي رحمه الله في اللغة حجة، لذلك يُقدم قوله عند الاصوليين في اللغة، ولقد شهد على ذلك جمع غفير: ▪ قال الأصمعي وهو من أئمة اللغة: " صححت أشعار هذيل على فتى من قريش يقال له محمد بن ادريس ". ▪ قال ابن هشام صاحب المغازي: " الشافعي حجة في اللغة ". ▪ قال الفراء: " الشافعي لغة؛ هو قرشي مطَّلبي عربي فقيه، وقولُه حُجَّة يُعْتَمَد عليه " ▪ قال الامام أحمد: " لسان الشافعي لغة، فما رأيته إلا فصيحاً ". لكنه آثر الاشتغال بالفقه والحديث؛ فأصبح منارةً في العلم، ومرجعًا في الفقه.   فكثيرًا من الابيات تُنسب للشافعي وهي لا تصح عنه، قال في بيان إيثاره للفقه على الشعر: ولولا الشعر بالعلماء يزري  

البلاء

صورة
البلاء أهل الإحسان أشد الناس بلاءً بالمحن، نالوا من نوائب الزمان وصروفه همومًا ونِغَم . ومما يُتَنفسُ به أنه لا يخلو من الهم إلا من كان لا فكرَ له ولا بصيرة؛ فلا يزال صاحب العقل اللبيب يشغله الفكر في عاقبته ومآله، ودروب خاتمته وآخرته، وصروف حياته.     أما من عدمت مشاعره، ومُحيّت أفكاره، وجهلت أحواله؛ فهذا لاشيء له من الهم؛ لأن لا فكرَ له، ولا لبَّ، فلا حياة !   فأنىٰ له طارقٌ من الهم، وأنىٰ له شاغلٌ من الغم؟!   في ذلك قال أبو الطيب المتنبي في بيتٍ له نفيس أفاضل الناسِ أغراضٌ لدى الزمن ** يخلو من الهمِّ أخلاهم من الفِطَن   ورؤية المؤمن ونظره لها؛ مهما تضاءلت الهموم واضمحلَّت؛ فهي منارةٌ مضيئة، وسواعدٌ متينة، لمن يتجاوزها ويعتريها، فثمارها بعد الصبر ألذ من الشهد، وأروى سقيا للظمأ.   وقد قال الرافعي في رسائله، (صـ ١٥٧): " الهموم مقدماتٌ في أحيانٍ كثيرةٍ لنعم مخبوءة ".  وخطت حروفه: هيا بنت سلمان الصباح. -غفر الله لها ولوالديها-

إلى هنائي،،،

صورة
الحمدلله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد،،، إلى: هنائي (هناء المطوع، وهناء الكندري) ولمن فارق العزيز، وفقدَ الحبيب. نحن في هذه الدنيا في مسيرٍ له نهاية، وجسرُ عبورٍ بعده بداية، نعيش في هذه الدنيا فتصحبنا أرواح منها القريب الذي كالجسد، ومنها البعيد الذي فارقنا فأصبح عهدنا معه الدعاءُ والوفاءُ، والودُ ولُقيا الأمل!   وكلما كانت أواصر من نفارقة جامعة لنا بالدم واللحم؛ وطول المعشرِ والسكن؛ كان البلاء أعظم، ووقعه على القلب أكبر؛ فكان هو بحاجة الى صبرٍ ورضا أَجَل، وللفؤاد أَزهر. ففقدُ الحبيب الذي قَرَّت العين بنقاءه وفقد الابن الذي من برِّه زانت الحياةُ بصفاءه وفقد الابِ الذي ألبس الدار النعيم بحنانه ووفاءه لم يكن بالأمر الهين وقوعِ جَلَلِ مصابه! كما قال الشوكاني: ‏‌ ‎ مصاب دهى قلبي فأذكى غلائلي   ‏‌ ‎ وأحمى بسهم الافتجاعِ مقاتلي ‏‌ ‎ وخطبٌ به أعشار الحشى صدعت ‏‌ ‎ فأمست بفرط الوجد أي ثواكل   ‏‌ ‎ ورزء تقاضاني صفاء معيشتي   ‏‌ ‎ وأنهلني قسرا أمر المناهل   (المصيبةُ) نارٌ في لحظ