كفران العشير

 كفران العشير



بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: 


سمعت حكاية:

تشيب لها رؤوس الولدان، وتدمع لها محاجر العينان

في امرأة كفرت العشير 

واستهانت بعطاء الزوج الوفير

وما علمت أنها واقعة في كبيرة من كبائر الذنوب 

يستوجب فعلها النار الحامية التي:

ماؤها الحميم 

وظلها اليحموم 

وعذابها الجحيم المقيم

{إِنَّهَا لَظَى نَزَّاعَةً لِلشَّوَى}


قال النبي ﷺ:

"أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء يكفرن

قيل له: أيكفرن بالله؟ 

قال: يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خير قط".

 

أصبح كفران العشير فاكهة مجالس النساء

خلطاء السوء، وصويحبات الشر

كأن مجالسهم بادية تسنح فيها الذئاب الغبراء!

غافلات عن قوله تعالى:

{أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى}

إلا من رحمها ربي

بتذكر إحسان الزوج والكف عن خذلانه


الإنسان في كثير من الأحيان قد لا يعرف عيوبه

فقد يكون لكِ من العيوب ما لو أظهرها على مسامعك لأهلكتك!


فإياكِ والجحود والكبر

فهذه عتبة الكفران ،،،

ومن كفرت وجحدت بزوجها وضيعت حقه

كان جحودها منصرفًا لنعم الله عليها

﴿وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾

وهذا واقع مشاهد 

فغالب من تجحد وتنكر فضل الزوج؛ هي ممن ضيع حق الله من قبل!


يقول ابن حزم في طوق الحمامة (صـ ٢٠٥):

"الوفاء؛ وإنَّه لمن أقوى الدلائل وأوضح البراهين على طيب الأصل وشرف العنصر".


فإن أحزنك فعله، وأدمى قلبك صنعه

وشكوتِ الوحدة، وبكيتِ الوحشة


زفرات الألم تخترق حجاب القلب

فأسبلت الجفون، وتساقط معها دمع العيون


فري إلى الله

وجففي تلك المدامع بسجود الأسحار

وانصبي الأقدام في قيام الليل أذكار

أودعي إلى جنبات قلبك نسائم الحياة، متجملة بأبهى رداء

رداء الطاعة والصبر والدعاء

فالحياة مع الله ،،،


ولا ريب أن الحديث مع رفيق الدرب

وبث الشجى، والبوح بالأسى

مما يلم شعاث القلب

حين يشمر خليل الوفاء، وأليف الإخاء

لضمد أنين الألم بطيب الكلم، وجبر جراح الكدر بذكرى الصبر

وهذا مما لا حرج فيه، ولا شيء عليه

ولكن كفران العشير:

الحديث والتفكه بالزوج ونكران إحسانه في مجمع القوم!


فلنكتم الآلام ولا نحزن

فكم برقت بوارق السعد من الأثواب البالية

بريق النجوم النيّرة في السماء الغائمة!


امنحي الزوج

من عذوبة لسانك ما ليس له أثر في قلبك!

إبقاءً لبقيةِ ما تبقى بينكما من صحبةٍ وعشرة 

لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ،،،


ومن الأسباب المعينة في حفظ الجوارح عن كفران العشير:

أن تتذكري محاسنه، وأعطاف نعمائه، ولا تستعظمي أفعاله ومعائبه


تذكري 

شوقه إليكِ، ووجده عليكِ


وهذا من توجيه النبي  حين قال موجهًا أمته:

"لا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر"


فيا معشر النساء

اتقين الله في أزواجكن، واتخذنّ الجنة بارقة المنى، والمنال المبتغى


ولا تلومنّ بعد ذلك إن قيل فيكن:

دَع ذِكرَهُنَّ فَما لَهُنَّ وَفاءُ

ريحُ الصَبا وَعُهودُهُنَّ سَواءُ

••••

يَكسِرنَ قَلبَكَ ثُمَّ لا يَجبُرنَهُ

وَقُلوبُهُنَّ مِنَ الوَفاءِ خَلاءُ


وأذكر نفسي وأخواتي المطلقات:

وإن وهنت تلك العقدة

وانحلت وثائق العشرة


                   فلتكن تقوى الله نصب الأعين


فالمطلقة أشد في هذا الباب 

حيث أنها غالبًا لا تنصف من كان لها زوجًا يومًا من الدهر، بعدما شدت رحالها عنه،،،


فكم من امرأة علقت من كان زوجًا لها على مقاصل التقاضي في المحاكم دون ضرر (حقيقي)

ناكرة الفضل الذي بينهما، والإحسان الذي كان يجمعهما


فيا لها من مظالم ستنشر دواوينها يوم الحساب

{وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا}


نسأل الله السلامة والعافية.



وكتبته:

الفقيرة إلى فتح الفتاح

هيا بنت سلمان الصباح

الكويت رعاها الله

٣ رجب ١٤٤٤.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طالبة العلم بين المنهج السلفي، ومتغيرات الزمان

الحجاب في كويتنا أصلٌ أصيل

ظلمُ ذوي القربى