صلاح الأبناء، ووفاء الطلاب

 صلاح الأبناء، ووفاء الطلاب




أين حدثني أبي، حدثني جدي 

هل غدت؟

وأين علمني شيخي، وفقهني معلمي

هل أبت واختفت؟


من شديد الابتلاء أن يكون لك ذرية ليست هي على هدى، وزوج ليس هو من أهل التقى،،،

حقًا وصدقًا كما قيل: أزهد الناس في عالمٍ أهله!


سأتحدث معكم عن نأي الأبناء، وجفاء الطلاب

وأما صلاح الأزواج فلعل الحديث فيه يكون في مقالٍ آخر،،،


أصبح الوالد كالغريب في دار أهله

وغدى المعلم كالدخيل في دار علمه


فكم هي المشاعر فارقة بين الاقتراب والاغتراب!

فما أن يسأل من قربهم الصفاء والوفاء إلا وكدره الجفاء،،،


فالقلب مكلوم وهو غير ملوم إذا كان على تحسين ما ابتلي به غير قادر.

ولكن ما إن يتأمل المبتلى صفحات التاريخ، ويتفيأ ظلال ما خطه البنان في حال الجهابذة الأعلام؛ إلا ويشهد من سيرهم، وتنافي أحوال خيار زمانهم، ما لا يخطر ببال، وإن كان الخبر ليس كالعِيَان!


▪️شعبة بن الحجاج من زاحمت مفاخرهُ بالمناكب الكواكب.

كان له ولد اسمه سعد، كان يقول له:

اذهب إلى هشام الدّسْتُوَائي؛ يعني: ليحدِّثك، فيقول له: اليوم أريد أن أُرسل الحمام!

فكان يقول: سمَّيتُ ابني سعدًا، فما سَعِد ولا أَفلح!

▪️وهذا الأعمش، الذي تدور عليه أسانيد دواوين الرواية، من كانت حلل العلم لباسه، وحديث النبي ﷺ حاضرًا على لسانه.

قيل: كان له ولد مغفَّل، أرسله يومًا ليشتري له حبلَ غسيل، فقال: يا أبتِ، طول كم؟

فقال: عشرة أَذرع، قال: في عرض كم؟ قال: في عرض مصيبتي فيك!

 ▪️وابتُلي ابن الجوزي وهو الذي ملأ الدُّنيا وعظًا، بولَد له اسمه عليٌّ، كان واعظًا فترك الوعظَ، ولزم النذالة والبطالَة، وصاحَب المفسدين، واشتغل بما لا يَجوز، وكان ينال من أبيه، وربما غلَّ من كتبه!

▪️وهذا الذهبي من برع بسنام قلمه، تكلّم في ابنه عبد الرحمن قائلاً:

إنّه حفظ القرآن، ثم تشاغلَ عنه حتى نسيَه! 

والباب في هذا يطول

والرجاء أن في الدعاء شفاء،،، 

 

أما الطلاب

فقد لا يسلم الشيخ بالصادق منهم إلا القليل، وكأن أسواق الدفاتر كاسدة، وسوائل المحابر فاسدة

وكم سطر لنا التاريخ من ضُعفَ بسبب ورّاق سوء مع أن شيخه كان:

يفتح بعلمه أقفال الفكر

 ويرسم في ذهنه ما يباهي به النجم

يُلبس القطرَ زَهرا

ويُفجّرَ خلالها نهرا

فأين وفاء السلف الذي كان كاللؤلؤ المنثور 

هل أصبح كالمسك الأذفر والكبريت الأحمر؟!

▪️كان أحمد بن حنبل يترك السنن الرواتب إذا جاءه شيخه يحيى بن سعيد القطان لاستثمار كل لحظة معه!

▪️وزار ابن كثير شيخه ابن تيمية بالسجن ولم يقطع وفاءه، وقال متحسرًا مهمومًا عما أصابه:

نظرت إليه وقبلته وقد علاه الشيب أكثر مما فارقناه!

▪️وقد ذكر ابن باز شيخه محمد بن إبراهيم آل الشيخ يومًا، وإذ بالدمع يتحدر كأزيز المِرْجل!


كتبتها مع بزوغ الفجر لعل شروق الشمس تدب في من سارَ في هذا المضيق، وقد اكتحلت جفونه بالسهاد، وغدت جنوبه عن المهاد.

 لعل الأمل والفأل يحمله من مواطن الجدب إلى قطرات الغيث ومنابت العشب،،،

فيركب بأمله وحسن دعائه الصعب والذلول، ولا يمل طول السّرى؛ فالحق أبلج والباطل لَجْلَج!


الفقيرة إلى فتح الفتاح:

هيا بنت سلمان الصباح


___________________________________

الموقع الرسمي:

 https://drhayaalsabah.com/

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طالبة العلم بين المنهج السلفي، ومتغيرات الزمان

الحجاب في كويتنا أصلٌ أصيل

ظلمُ ذوي القربى