{فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ}

 

{فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ}




بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

أما بعد ،،،


رأيت الناس في صراعٍ ونزاع، وعداوةٍ بينهم قائمة وبغضاء، لدنيا فانية، جذورها هاوية


فتذكرت الموت فينة، فمسكت القلم فسال مقيله!


{فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ}


هي المصيبة حقًا، لا مصيبة عداوة القريب، ولا ظلم البعيد


قال القرطبي في تفسيره:


"قال علماؤنا: والموت وإن كان مصيبة عظمى، ورزية كبرى؛ فأعظم منه الغفلة عنه، والإعراض عن ذكره، وترك التفكر فيه؛ وترك العمل له؛ وإن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر، وفكرة لمن تفكر"


والأعظم منه الغفلة عنه!


فلا تكن ممن حمل ضنين أعباء الدهر، بل كن ذاك المتأهب الوجل لمضجع القبر


فمن المعلوم:


أن الدنيا بحاجة إلى صبر عن شهواتها ولذائذها، وصبر على آلامها ومصائبها


فكبروا عليها أربعًا، وليكن الهم همّ الآخرة


والقلب ينتفع بذكر الموت إن كان سليمًا من أدران الدنيا، أما المشغول بالدنيا فلن ينجع معه ذكر الموت في قلبه


يومًا بلا ريب


سنكون أجسادًا هامدة، فلا بد للقلوب أن تُوقن وتُذعن


سنحاسب على الكبير والصغير، والدقيق والجليل


{يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}


لم يقصم رقاب الجبابرة، وظهور الأكاسرة، مثل الموت


كسر آمالهم من قبل ما كانت قلوبهم عن ذكر الموت نافرة، فجاءهم الحق فأدراهم في الحافرة


الدنيا كانت لهم ما بين ضياء مهدٍ وظلمة لحد


فأين هم؟ 

{هَلْ تُحِسُّ مِنْهُم مِّنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا}


فلا تعجب أن يكون أشقياء الآخرة هم بالأمس أقطاب الأولى


ليكن لك ذخيرة نافعة؛ من دعاءٍ لا يبلى، وعملٍ صالح لا يخيب، نابع من إيمانٍ صادق، و مجاهدة باسلة


ليكن حالنا ذاك الرجل الذي به من الرجاء والبرحاء ما يبكي الدموع دماء


فإن هذه الدار خلاء والآخرة هي دار البقاء


تزود من الدنيا فإنك لا تدري*** إذا جن ليلٌ هل تعيش إلى الفجرِ


رحم الله السلف


فقد كانت قلوبهم رقيقة، ودموعهم غزيرة خشية من الله والدار الآخرة


كان لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في وجهه خطان أسودان من كثرة الدموع


وكان ابن عباس رضي الله عنهما أسفل عينيه مثل الشراك البالي من كثرة البكاء


قال النبي ﷺ يومًا:


"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً و لبكيتم كثيرًا"


 فغطى الصحابة وجوههم من بعد كلامه و أصبح لهم خنين!


لنستعد حقًا وصدقًا ليوم ٍتشيب لهوله الولدان


وما الدنيا بباقية لحي*** وما حي على الدنيا بباق


{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}


قال ابن الجوزي في صيد الخاطر(ص:٢٠٦):


"فإن أقل من يموت الأشياخ، وأكثر من يموت الشبان، ولهذا يندر من يَكْبر

وقد أنشدوا:

يُعَمَّرُ وَاحِدٌ فَيَغُرُّ قَوْمًا *** وَيُنْسَي مَن ْيَمُوْتُ مِنَ الشَّبَابِ"


 

اللهم اجعل الموت تذكرةً لقلوبنا ما حيينا، وارزقنا حسن الختام، وتوفنا مع الأبرار. 

 

وكتبته

الفقيرة إلى فتح الفتاح

هيا بنت سلمان الصباح

غفر الله لها وللمؤمنين والمؤمنات

 

تعليقات

  1. اللهم آمين
    جزاكم الله خيرا استاذة هيا



    أم محمد

    ردحذف
  2. جزاك الله خيرا وغفر لك ولنا وللمسلمين واحسن لنا الخاتمة اللهم امين

    ردحذف
  3. جزاك الله خيرا وغفر لك ولنا وللمسلمين واحسن لنا الخاتمة اللهم امين

    ردحذف
  4. جزاك الله عنا شيختنا خير الجزاء🌷🌺🌷

    ردحذف
  5. ما اجمل ما تخطة تلك الأنامل..زادك الله علما ونفعك

    ردحذف
  6. جزاك الله خير الجزاء شيختنا

    ردحذف
  7. الله يجعله في ميزان حسناتك شيختنا

    ردحذف
  8. السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
    حياك الله شيختي الحبيبة
    هل من طريقة لمراسلتك لدي بعض الأسئلة

    ردحذف
    الردود
    1. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
      أختي شعلة علم، هذا حساب الشيخة في الآسك للأسئلة:
      https://ask.fm/drhayaalsabah
      وهذا رقم الأستاذة لمراسلتها وسؤالها عبر الوتساب:
      +965 97999679

      حذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

طالبة العلم بين المنهج السلفي، ومتغيرات الزمان

الحجاب في كويتنا أصلٌ أصيل

ظلمُ ذوي القربى